بوابة عدن/ وكالات(AFP)
بعد يوم واحد من اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، أصدر جيش الإحتلال الإسرائيلي الخميس بيانا أكد فيه مقتل محمد الضيف، قائد الذراع المسلحة للحركة، والعقل المدبر لهجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تسبب هذا الهجوم في اندلاع حرب جديدة بين الحركة والدولة العبرية منذ 10 أشهر في غزة ونجم عنها مقتل عشرات آلاف الفلسطينيين.
ألقى هذا الهجوم الضوء من جديد على الدور المحوري لهذا القيادي في حماس وكيف أفلت من أيدي الأجهزة الأمنية الإسرائيلية لما يزيد عن 30 عاما. من جهتها لم تؤكد حركة حماس مقتله.
تعتبر إسرائيل أن محمد دياب إبراهيم المصري الشهير بالضيف، هو “العدو رقم 1” بالنسبة لها منذ عقود، كما أنه مهندس العملية العسكرية غير المسبوقة التي نفذتها حركة حماس يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 الماضي والتي باغتت خلالها إسرائيل، حاولت الدولة العبرية اغتياله والتخلص منه مرارا وتكرارا.
وأطلقت عليه اسم المقاتل ذي “التسعة أرواح”، وقامت بقصف قرب خان يونس في قطاع غزة يوم 13 يوليو/تموز الماضي قالت إنه يستهدفه، فيما بات يعرف بمجزرة المواصي، قبل أن تعلن يوم 1 أغسطس/آب أنه لقي حتفه فيه، لكن الحركة لم تؤكد مقتله.
بالنسبة إلى الفلسطينيين يحظى محمد الضيف دائما “بتقدير واسع خصوصا بعد نجاح هجوم حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول والذي ترك من خلاله بصمته وسيبقى خالدا في الذاكرة الجماعية الفلسطينية”، على حد قول عمري برينر المحلل الإسرائيلي المتخصص في الجغرافيا السياسية بالشرق الأوسط بمعهد فيرونا لدراسات الأمن. فهو من أطلق اسم “طوفان الأقصى” على الهجوم في تسجيل صوتي تم بثه بينما كانت حماس تطلق آلاف الصواريخ من قطاع غزة، وأشار إلى أن الهجوم يأتي رداً على الاقتحامات الإسرائيلية للمسجد الأقصى.
مثّل محمد الضيف، الذي تصفه واشنطن منذ 2015 بـ “الإرهابي الدولي”، تهديداً مباشرً ومستمراً للأمن الداخلي لإسرائيل منذ أكثر من 30 عاما. و”فيما تكون حياة أي مسؤول في فصيل عسكري قصيرة جدا في غالب الأحيان، فإن بقاء محمد الضيف على قيد الحياة طوال هذه العقود هو أمر مثير للاهتمام ويمثل في حد ذاته تحدياً لإسرائيل”، وفق جاكوب إريكسن المتخصص في النزاع الفلسطيني الإسرائيلي بجامعة نيويورك.
قُتل خلالها، من سبع محاولات إسرائيلية لاغتياله، كان آخرها في عام 2021، وقالت مصادر في حماس إنه فقد فيها إحدى عينيه وأصيب بجروح خطيرة في إحدى ساقيه، فاكتسب نظرا لنجاته من محاولات الاغتيال مكانة البطل الشعبي الفلسطيني.
ويُعتقد أن الضيف كان يوجه العمليات العسكرية لحماس من الأنفاق والشوارع الخلفية في غزة، إلى جانب آخرين من كبار قادة الحركة. هذا الغزي البالغ من العمر 59 عاما يتزعم كتائب عز الدين القسام، الذراع المسلحة لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) فهو رئيس أركان كتائب القسام، وبالتالي من المؤكد أن تصفيته هي إحدى الأهداف الكبرى في الحرب الجارية بين الحركة والدولة العبرية.
سُمي بـ”الضيف” لأنه لا يبقى في مكان واحد لأكثر من ليلة و لنجاحه في التخفي قدر الإمكان إلى درجة أن آخر صورة رسمية له تعود إلى أكثر من عشرين عاما ولا يبقى في مكان واحد لأكثر من ليلة واحدة ويبيت كل مرة في بيت جديد للإفلات من الملاحقة الإسرائيلية” وفق جاكوب إريكسن.
من بين المعلومات النادرة التي تمتلكها إسرائيل عنه هو أنه ولد في مخيم خان يونس للاجئين، الذي أنشئ بعد الحرب العربية الإسرائيلية عام 1948، بجنوب قطاع غزة في ستينيات القرن الماضي (عام 1965 تحديدا)، كما أكدت صحيفة “فايننشال تايمز” الأمريكية التي تواصلت مع مسؤولين في “شين بث” جهاز الأمن الداخلي في إسرائيل. واشتهر باسم محمد الضيف بعد انضمامه إلى حماس خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى التي تفجرت عام 1987. وقال مصدر في حماس إن إسرائيل اعتقلت الضيف عام 1989 وقضى نحو 16 شهرا في السجن.
وكان الضيف مهندس بناء الأنفاق التي سمحت لمقاتلي حماس بإطلاق اختراقات في الداخل الإسرائيلي انطلاقا من غزة. وكان أيضا ممن عززوا استراتيجية إطلاق عدد أكبر من الصواريخ.
كان ديدنه دائما “ضرب الداخل للإحتلال الإسرائيلي بشكل مباشر وبكل الوسائل الممكنة حتى تدفع أكبر ثمن ممكن للمعاملة التي تخصصها لسكان غزة” وفق جاكوب إريكسن. محمد الضيف كان دائما من أشد المتحمسين للجوء إلى القوة في مواجهة إسرائيل”، وليس من قبيل الصدف أنه كان وراء حملة العمليات الانتحارية في أواسط التسعينيات بعد وقت قصير من توقيع اتفاقيات أوسلو في سنة 1993، وقُتلت زوجته ووليد له كان عمره سبعة أشهر فقط وابنة في الثالثة من عمرها في غارة جوية للإحتلال الإسرائيلي في عام 2014.
وطلب مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية في شهر مايو/أيار الماضي إصدار مذكرات اعتقال بحق الضيف والسنوار وقيادي ثالث في حماس على إثر هجوم السابع من أكتوبر تشرين الأول، كما طلب إصدار مذكرات اعتقال بحق نتانياهو ووزير الدفاع الإسرائيلي بسبب الرد الإسرائيلي للدولة المحتلة.
