البث الحي
تسجيل
أخبار
|
كينيا
الماساي بين صيد الأسود وشرب دم البقر.. قصة شعب الرماح الذي يحتفي بالبصاق ويتمتع بسعادة الأثرياء
شيخ من قبيلة الماساي يبارك المحتفلين خلال أحد الاحتفالات (رويترز)
أمين حبلا
22/11/2022-آخر تحديث: 22/11/2022-07:28 م (بتوقيت مكة المكرمة)
ليس العناق والهدايا أبرز ما يقدمه شعب الماساي (Maasai) احتفاء بالمتزوجين الجدد أو المواليد الذين يتنسمون عبق الحياة لأول مرة؛ فهنالك هدية أخرى أهم وأعرق لدى قبائل الماساي في كينيا وتنزانيا، وهي إغراق العروسين والمواليد الجدد بالبصاق تعبيرا عن الاحتفاء ومباركة الحدث الجديد.
أما إذا كنت زائرا محتفى به في بلاد الماساي، فلك احتفاء خاص وتقدير عجيب؛ إذ ستكون محظوظا بوجبة مقدسة عبارة عن خليط غريب من دم البقر ولبنها، تعبر عن الود والاحتفاء ومبالغة في الإكرام وإحسان الضيافة.
الماساي شعب الرماح وصيادو الأسود
تنتسب قبيلة الماساي إلى المجموعة النيلية، وهي مركب إثني وثقافي ينتمي إليه عدد من القبائل والمجموعات الأفريقية، وتعرف بمجموعة الشعوب الناطقة باللو، والممتدة في أقاليم شرق أفريقيا (يضم قبائل الماساى بكينيا، والتوتسي في رواندا وبوروندي، والدينكا في جنوب السودان، بل وبعض المجموعات بمالي والسنغال المشهورة بطول القامة وسواد البشرة الداكن)، وبين أعراق هذه المجموعات تمتد عراقة وتاريخ أفريقي عتيد، وارتباط بالأرض والمحراث، وسيطرة للأسطورة والأرواح.
وارتبطت علاقات الماساي بالأرض رعيا واصطيادا، واتخذوا من الغابات مصدرا أساسيا للحياة، وموردا للقوت الذي ينثال تحت رماح الرجال الأشداء.
وتذهب الأسطورة الشعبية لقبيلة ماساي إلى أن إلههم (إنغاي) منحهم الماشية وأعطاهم مكانا خصبا لتنميتها وسماء تمطر غيثا مستمرا، ولذلك فإنهم كانوا في الماضي لا يرون بأسا في أخذ مواشي القبائل الأخرى، لأن إلههم أوكل رعايتها إليهم وحدهم حسب معتقدهم. ويرى رافضو تلك الأسطورة أنها تؤسس لسلطة السطو وغصب مواشي الغير وممتلكاتهم، رغم ما يوجد لها من سند من الدين الافتراضي والأسطورة المصطنعة.
جمع من قبيلته (غيتي)
ويقيم عدد كبير من الماساي في منطقة “وادي ريفت” في مقاطعة “كاجيادو بأرياف دولة كينيا التي تحتضن قرابة مليون شخص من هذه القبيلة غريبة التقاليد، في حين يقيم عشرات الآلاف أيضا في تنزانيا، وتأويهم مساكن مصنوعة من الطين والقش وأعواد الأشجار، وتتولى النساء كل أعمال البيت ويتفرغ الرجال للرعي والاصطياد.
وتقضي تقاليد القبيلة بأن يعيش رجل الماساي العقود الثلاثة الأولى من حياته في كد وتقشف وسعي لإثبات الذات، فهو لا يدخن ولا يعاقر الخمر ولا يتزوج، وبعد اكتمال الثلاثين يمكنه أن يتزوج ويتفرغ لبناء الثروة من المواشي، ولكنه يستمر في المشاركة في حماية المجتمع من المخاطر، بوصفه جنديا في جيش الماساي الذي يضم كل البالغين.
ويشتهر شعب “الماساي” بملابسهم المميزة، وأزيائهم الملونة، التي تكون حمراء في الغالب، وأحيانا تكون خضراء تبعا لتراتبية اجتماعية. ويرمز لون الملابس الأحمر في ثقافتهم إلى الأرض والحرية والشجاعة والدم.
ومن بين هذه الثياب المهمة فإن “الكوشا” هي اللباس الأشهر التي يرتديها القوم، حيث يلفون بها أجسادهم، كما ترتدي النساء مجوهرات على شكل أقراص مسطحة حول أعناقهن، وأقراطا وإكسسوارات مصنوعة من حلي محلية، ويصنعون أيضا أقراطا من قرون الحيوانات.
ويدير شعب الماساي بنيته الهرمية في نظام أبوي قوي يتولى فيه كبار السن قيادة المجتمع وتدبير شؤونه وإدارة مصالحه ومصالحاته وقضائه ومعتقداته الدينية التي تدور بين تقديس إله الخصب والنماء والخير الذي يمثلها الإله الأسود “أنغاي ناروك” الذي يتحول أيضا إلى إله للشر والانتقام ليكون الإله الأحمر “أنغاي نانيوكي”، وتجسيدا لهذا المعتقد تمثل البقرة السوداء ظلا لإله الخير، أما أختها الحمراء فهي بقرة الانتقام وظل الإله الأحمر.
