بوابة عدن /غزة.
مصادر بوزارة الصحة : لجنة قضائية مختصة تتابع ملف البلاغات عن المفقودين
في 16 سبتمبر (أيلول) الحالي، أعلنت وزارة الصحة بقطاع غزة أن إجمالي عدد القتلى الفلسطينيين منذ بدء الحرب قبل نحو عامين تخطى 65 ألف قتيل؛ وبعد نحو 12 يوماً قفز العدد ليتجاوز 66 ألفاً، فهل كان هذا يعني تسارع وتيرة الموت ليحصد 1000 قتيل في تلك الأيام المعدودات؟
تنشر الوزارة إحصاءاتها يومياً بهدف تزويد وسائل الإعلام والهيئات المحلية والدولية بأحدث الأعداد التي تعجز هذه الوسائل عن متابعتها على الأرض. وأحياناً توثق هذه البيانات قفزات ملحوظة في أعداد الضحايا الذين تسجل الوزارة أعدادهم كل 24 ساعة، مما يثير تساؤلات كثيرة عن السبب.
حدث هذا على سبيل المثال يوم 27 من الشهر الحالي، حينما أُضيف إلى إجمالي العدد أكثر من 300 قتيل دفعة واحدة، بينما لم يتجاوز عدد القتلى في ذلك اليوم 80 قتيلاً.
تحت الركام
تجيب مصادر مطلعة من وزارة الصحة بغزة عن هذه التساؤلات، وتوضح لـ«الشرق الأوسط» أن هناك أعداداً كبيرة ممن تقتلهم القوات الإسرائيلية في قطاع غزة، سواء بالقصف الجوي أو بإطلاق النار، يبقون تحت أنقاض المنازل التي تتعرض للقصف، فيما تبقى جثث آخرين عالقة داخل منازلهم أو في الشوارع وغيرها من المناطق الخطرة التي لا تستطيع الطواقم الطبية أو غيرها من فرق الإنقاذ الوصول إليها.
وبحسب تلك المصادر، هناك آلاف ما زالوا في عداد المفقودين، ولا يُعرف مصيرهم، في حين أن عوائلهم تؤكد أن عدداً كبيراً منهم يوجد تحت أنقاض منازل دُمرت فوق رؤوس ساكنيها.
وبيَّنت المصادر أن هذه الأوضاع دفعت لتشكيل لجنة قضائية تتابع ملف البلاغات عن المفقودين. وبعد تدقيق طويل في بياناتهم، ومع الاستعانة كذلك بفرق فنية وغيرها، تعتمد اللجنة من حين إلى آخر دفعات من هؤلاء المفقودين على أساس أنهم قتلى، ومن ثم تضيفهم رسمياً لإحصاءاتها. بعدها تبلغ اللجنة رسمياً وزارة الصحة بغزة بهذه الأرقام الجديدة، فتعلنها الوزارة في بيانها اليومي.
وتتشكل تلك اللجنة من ممثلين لعدة جهات، منها السلطة الفلسطينية في رام الله، ومنها جهات شرعية وقانونية وقضائية وغيرها.
وتُظهر أحدث الإحصاءات أنه في غضون ثلاثة أيام، من 26 إلى 28 من الشهر الحالي، ارتفع العدد الإجمالي لضحايا الحرب الإسرائيلية بعد إضافة نحو 500 قتيل ممن اعتمدتهم اللجنة ضمن أعداد القتلى، إلى جانب انتشال جثامين من الأماكن المدمرة أو من الشوارع والطرقات التي تنتشر قوات إسرائيلية بالقرب منها.
أزمة المفقودين
تقول المصادر إن هناك جهوداً كبيرة تُبذل لمحاولة التخفيف من أزمة المختفين والمفقودين، مبينةً أن اللجنة التي تشرف على هذه القضية تدقق بحرص في كل بلاغ يصلها عن مفقودين، وتحاول التواصل مع لجان دولية وغيرها من أجل التحقق مما إذا كان بين هؤلاء المفقودين أشخاص ربما اعتقلتهم إسرائيل.
ووفقاً لمصادر ميدانية تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، فإن أعداداً كبيرة فُقدت يوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، سواء ممن شاركوا في الهجوم من عناصر «حماس»، أو من المدنيين الذين عبروا الحدود بعد انهيار القوات الإسرائيلية، ولا يُعرف مصيرهم حتى اليوم، ومن غير الواضح إن كانوا معتقلين أو قتلى.
وتوضح المصادر أن من أُسروا في ذلك اليوم لم يوجدوا مع أي أسرى فلسطينيين اعتقلوا بعد ذلك التاريخ، خصوصاً في العمليات العسكرية البرية داخل القطاع، مبينةً أن هذا الأمر زاد من الغموض الذي يكتنف مصيرهم. أما من اعتُقلوا بعد ذلك خلال العمليات الإسرائيلية البرية، فقد كشف فلسطينيون أفرجت عنهم إسرائيل لاحقاً أنهم رأوهم داخل السجون، في حين لا يُعرف شيء عن مصير المفقودين في يوم الهجوم.
وتواجه عوائل آلاف الضحايا ممن فقدوا حياتهم خلال حرب غزة، خصوصاً من موظفي القطاع العام، بمن فيهم موظفون بالسلطة الفلسطينية أو القطاع الخاص، ظروفاً قانونية صعبة للحصول على معاشاتهم، بسبب إجراءات إدارية تتبعها بعض البنوك التي ترفض صرفها لأسباب غير واضحة.
ووفقاً لمصادر فلسطينية مطلعة، فإن ديوان قاضي القضاة التابع للسلطة الفلسطينية يسهل على العوائل الحصول على أوراق تتعلق بحصر الإرث وإذن صرف المعاشات للعوائل وفق الشريعة الإسلامية، «إلا أن البنوك ولأسباب مجهولة تعرقل هذه الخطوات بحجج كثيرة».
وقال مسؤول كبير في ديوان قاضي القضاة لـ«الشرق الأوسط»: «نسهل عملية حصول عوائل الضحايا على حقوقهم من خلال أوراق ثبوتية واضحة بعد التأكد من مقتلهم؛ إلا أن البنوك لا تسمح بصرف الرواتب لهم دون أن نحصل على أي إيضاح بشأن ذلك».
وذكرت المصادر أن هناك أكثر من ستة آلاف طلب عالق لدى البنوك لم يُنفذ أي منها بسبب الإجراءات المصرفية المعرقلة. وأشارت إلى أن عوائل الضحايا، رغم أن عدداً كبيراً منهم كان يخدم في الأجهزة الأمنية والوزارات التابعة للسلطة الفلسطينية، لا تتقاضى معاشاتهم، مما زاد من صعوبة الأوضاع القاسية التي تفرضها الحرب.
على الصعيد الميداني
ميدانياً، توغلت الدبابات الإسرائيلية، يوم الاثنين، حتى باتت على بُعد بضع مئات من الأمتار من مستشفى الشفاء، المستشفى الرئيسي في مدينة غزة. ويقول الأطباء إن مئات المرضى ما زالوا يتلقون العلاج هناك على الرغم من أوامر الإخلاء الإسرائيلية. وقال مسؤولون بقطاع الصحة إن الدبابات حاصرت أيضاً المنطقة المحيطة بمستشفى الحلو، حيث يوجد 90 مريضاً يتلقون العلاج، بينهم 12 من الأطفال الخُدج في الحضَّانات. وأفاد مسعفون بأن المستشفى تعرض للقصف في الليلة السابقة.
ونقلت وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا) عن مصادر طبية قولها: «قوات الاحتلال تحاصر المستشفى من جميع الجهات مع اقتراب الدبابات من محيطه، حيث تم تجميع الطواقم الطبية والمرضى داخل الطوابق السفلية، مع تعذر الوصول إلى المستشفى أو الخروج منه».
وقُتل 23 فلسطينياً وأُصيب آخرون، منذ فجر الاثنين، في غارات إسرائيلية متواصلة على القطاع. وقالت وزارة الصحة في غزة إن 50 قتيلاً و 184 مصاباً وصلوا إلى مستشفيات القطاع خلال 24 ساعة، منذ ظهيرة الأحد وحتى يوم الاثنين.
وذكرت وكالة «وفا» أن مواطناً قُتل وأصيب آخرون من طالبي المساعدات بنيران القوات الإسرائيلية قرب مركز مساعدات الطينة جنوب غربي مدينة خان يونس جنوب القطاع.
أما الجيش الإسرائيلي فقد أصدر بياناً، يوم الاثنين، قال فيه إنه يواصل استهداف الجماعات المسلحة لحماية المدنيين الإسرائيليين.
كما أعلن اعتراض قذيفتين قال إنهما أُطلقتا من غزة باتجاه مستوطنة ناحل عوز قرب قطاع غزة. وأضاف في بيان مقتضب: «قبل قليل، تم رصد إطلاق قذيفتين من قطاع غزة باتجاه منطقة ناحل عوز. جرت محاولات اعتراض القذيفتين اللتين لم تخترقا الأراضي الإسرائيلية وسقطتا داخل قطاع غزة».