بوابة عدن /غزة.
شنّ الطيران الإسرائيلي غارة جديدة على بناية مرتفعة في مدينة غزة، الاثنين، وزعم الجيش الإسرائيلي أن «حماس» كانت تستخدمها، وذلك ضمن سياسته بتدمير المباني المرتفعة (الأبراج) في غزة.
وقال الجيش، وفقاً لموقع «تايمز أوف إسرائيل»، إن عناصر من «حماس» نشرت نقاط مراقبة ومعدات مراقبة في المبنى، إلى جانب أجهزة تفجير، مضيفاً أن «الضربة نُفّذت باستخدام ذخائر دقيقة ومراقبة جوية لتقليل الأضرار المدنية».
هذا هو المبنى الشاهق الرابع في مدينة غزة الذي يستهدفه الجيش الإسرائيلي في الأيام القليلة الماضية، ويقول إن «كل هذه المباني كانت تستخدمها (حماس) لأغراض إرهابية».
وأعلن الجيش الإسرائيلي، الجمعة، أنه سيهاجم على مدار الأيام المقبلة عدة مباني مرتفعة، موضحاً أنه أجرى «بحثاً استخباراتياً واسعاً، ورصد نشاطاً إرهابياً مكثفاً لمنظمة (حماس) في مجموعة واسعة من البنى التحتية في مدينة غزة، وخاصة في الأبراج متعددة الطوابق».
وتابع: «بحسب عقيدة القتال المتبعة لدى (حماس)، قامت المنظمة بدمج وسائل جمع معلومات استخبارية، وكاميرات، ومواقع قنص وإطلاق صواريخ مضادة للدروع داخل هذه المباني، وفي بعضها أُنشئت غرف مراقبة ومراكز قيادة وسيطرة. إضافة إلى ذلك، تمر البنى التحتية تحت الأرض التابعة لـ(حماس) بالقرب من هذه المباني بهدف وضع كمائن ضد قوات الجيش». وتنفي إدارة الأبراج المزاعم الإسرائيلية، مؤكدة أنها مخصصة فقط للمدنيين والنازحيين.
وخلال الأيام الماضية، دمر الطيران الإسرائيلي أبراج الرؤيا في حي تل الهوى، والسوسي ومكة والمشتهى، وكلها مرتفعة وتحتوي على ما يصل إلى 15 طابقاً.
«تكتيك هدم الأبراج»
وتمثل سياسة هدم الأبراج مشكلة كبيرة للفلسطينيين لأنها تحتوي على عدد كبير من الشقق السكنية، وبسبب الدمار الهائل الذي لحق بقطاع غزة جراء العمليات العسكرية الإسرائيلية، فإن تلك الشقق السكنية تحتوي، في الغالب، على عدة أسر نزحت من أماكن أخرى، ما يجعل تدمير البرج هو تشريد لعشرات الأسر.
وهذه ليست المرة الأولى التي يستهدف فيها الجيش الإسرائيلي الأبراج السكنية، فبعد ساعات قليلة من هجوم حركة «حماس» وفصائل فلسطينية أخرى على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، شن الجيش الإسرائيلي عدة غارات استهدفت أحدها برج فلسطين.
وقال أفيخاي أدرعي المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، في 7 أكتوبر 2023: «تم شن غارة على برج يسمى مبنى (فلسطين) الذي احتوى على مكاتب لعدة وحدات ومنظومات تابعة لمنظمة (حماس) الإرهابية تُستخدم لتوجيه العمليات الإرهابية. كما تم شن غارة على برج احتوى على مكاتب استخدمه جهاز الأمن الوطني لمنظمة (حماس) الإرهابية في قطاع غزة».
واستهدف الجيش الإسرائيلي الأبراج السكنية أيضاً خلال حربي عام 2014 و2021.
في 11 مايو (أيار) 2021، استهدفت ضربة جوية إسرائيلية برجاً سكنياً من 13 طابقاً في قطاع غزة مما أدى لانهياره، وذكرت وكالة الصحافة الفرنسية أن البرج يضم مكتباً تستخدمه القيادة السياسية لحركة «حماس».
وقال أحمد الشوا، عام 2014، لـ«الشرق الأوسط»، راوياً لحظات قصف برج «الظافر 4» الذي كان يقطنه مع عائلته: «كانت لحظات عصيبة. لم أتخيل لوهلة واحدة أننا سنصبح بلا مأوى. قصفوا البرج بأكمله وكأنه لم يكن. كان هناك برج والآن اختفى». وأضاف بمرارة: «لا أستطيع أن أعبر أكثر من ذلك. الصورة قاسية جداً؛ أن ترى كل أحلامك تهوي أمامك في ثوانٍ. ترعرعت هنا وعشت هنا وكبرت هنا حتى أصبحت شاباً ولكنني لن أكمل أحلامي بالزواج هنا حيث عشت طفولتي وحياتي كلها».
وتابع: «أسقطوا البرج بأربعة صواريخ وكأنّ شخصاً يكسر قطع بسكويت. كانت الصواريخ قوية جداً. لقد شفطت البرج شفطاً حتى أسقط كما هو. لم أرَ شيئاً مثل هذا في حياتي كلها». وكان يوجد في برج «الظافر 4» نحو 65 شقة سكنية تضم عشرات العائلات الفلسطينية؛ أي أن نحو 500 فرد باتوا جميعاً مشردين.
ورأت حركة «حماس» أن سياسة هدم الأبراج السكنية «إمعان واضح في ارتكاب جريمة تهجير قسري وتطهير عرقي ممنهج بحق المدنيين الأبرياء، ومحاولة لاقتلاعهم من مدينتهم، تحت وطأة المجازر وتدمير مقومات الحياة كافة».
وأضافت، في بيان، يوم السبت، أن «استهداف الأبراج السكنية المكتظة بالنازحين والنساء والأطفال، بذريعة استخدامها من المقاومة، أكاذيب مفضوحة وذرائع واهية، تمثّل استخفافاً بالمجتمع الدولي، وتغطية لجرائم حرب مكتملة الأركان ترتقي إلى جريمة إبادة جماعية».
وحذّرت من أن «استمرار هذه الجرائم يهدف إلى تدمير مدينة غزة بالكامل، وفرض تهجير قسري شامل على سكانها، في جريمة غير مسبوقة في التاريخ الحديث».