بوابة عدن /أبين.
تواصل القوات المسلحة الجنوبية عملياتها العسكرية ضد أوكار تنظيم القاعدة في محافظة أبين، ضمن مسار استراتيجي يهدف إلى اجتثاث مصادر التهديد التي تمثلها الجماعات المتطرفة، وحماية الجبهة الداخلية من خطر مزدوج يتمثل في الإرهاب وعلاقته العضوية بميليشيا الحوثي المدعومة من إيران.
وتأتي هذه التحركات الميدانية امتدادًا لجهود عسكرية وأمنية متواصلة منذ سنوات، رسخت خلالها القوات الجنوبية حضورها كقوة رئيسية في الحرب الإقليمية ضد الإرهاب.
وشنت وحدات من ألوية الدعم والإسناد وقوات الحزام الأمني، بإسناد من الطيران المسيّر والمدفعية، هجمات على مواقع للتنظيم الإرهابي في المرتفعات الجبلية بأبين المحاذية لمحافظة البيضاء. وأسفرت العمليات عن تطهير عدد من الأوكار التي كانت تُستخدم كنقاط انطلاق لشن هجمات ضد القوات الجنوبية، إضافة إلى سقوط قتلى وجرحى في صفوف العناصر الإرهابية.
وتأتي هذه العمليات بعد يوم واحد فقط من هجوم مزدوج استهدف القوات الجنوبية أثناء تنفيذها مهمة لملاحقة عناصر إرهابية في المناطق الجبلية المحاذية لمحافظة البيضاء، وأسفر عن سقوط 18 جنديًا بين قتيل وجريح، الأمر الذي دفع القوات إلى تكثيف ضرباتها على أوكار القاعدة.
وأكد العميد نصر عاطف اليافعي، قائد ألوية الدعم والإسناد ومحور أبين القتالي، أن القوات الجنوبية ماضية في معركتها حتى تطهير جميع الأودية والشعاب من فلول التنظيمات الإرهابية. وأضاف أن هذه العمليات جزء من استراتيجية شاملة تستهدف اجتثاث الإرهاب وتأمين الجنوب من مخاطره، مشيرًا إلى أن المناطق المتاخمة لمحافظة البيضاء تمثل ملاذًا للعناصر المتطرفة وتحصل عبرها على دعم لوجستي من ميليشيا الحوثي.
وبحسب مراقبين، فإن تصاعد العمليات في أبين يعكس تصميم القوات الجنوبية على قطع خطوط الإمداد المشتركة بين القاعدة والحوثيين، وإغلاق الثغرات الأمنية التي طالما استغلتها التنظيمات الإرهابية لزعزعة الاستقرار وشن هجمات مباغتة.
وأكد المصدر أن القوات الجنوبية ماضية في معركتها ضد الإرهاب بعزيمة لا تلين، حتى القضاء على بقايا التنظيمات الإرهابية وتأمين محافظة أبين بشكل كامل، مشيدًا بالتضحيات الجسيمة التي تقدمها القوات الجنوبية في سبيل الدفاع عن الجنوب واستقراره.
التطورات الميدانية في الجنوب تكشف عن حجم المخاطر المتنامية جراء طبيعة التحالف غير المعلن بين تنظيم القاعدة الإرهابي ومليشيا الحوثي المدعومة من إيران.
هذا التحالف القائم على المصالح المشتركة يهدد الأمن والاستقرار ليس في الجنوب فحسب، بل في عموم المنطقة، إذ يعتمد على تبادل المنافع اللوجستية والعسكرية في سبيل إضعاف الجنوب وإبقائه في دائرة الاستنزاف.
يثبت الواقع أن مناطق سيطرة مليشيات الحوثي تمثل شريانًا خفيًا للتنظيمات الإرهابية ضمن تكالب يستهدف أمن الجنوب في المقام الأول.
عناصر تنظيم القاعدة تجد في هذه المناطق خطوط إمداد مفتوحة توفر الملاذ الآمن، وطرق تهريب السلاح، وتسهيلات الحركة نحو أبين وشبوة وحضرموت.
هذا الأمر جعل العمليات الإرهابية ضد القوات المسلحة الجنوبية تتزايد في التوقيت الذي يحاول فيه الجنوب تثبيت معادلة الأمن والاستقرار.
يكمن الخطر في أن هذا التعاون غير المعلن يضرب جوهر الحرب على الإرهاب، ويحوّل الجنوب إلى ساحة مواجهة مفتوحة مع خصمين يتقاسمان الأدوار وهما المليشيات الحوثية التي توفر البيئة والحاضنة، والتنظيم الإرهابي الذي ينفذ العمليات.
هذا الواقع يؤكد أن الجنوب يقف في الصف الأول من المعركة الكبرى، ويخوض حربًا بالنيابة عن المنطقة والعالم ضد مشروع يستهدف الأمن الإقليمي برمته.
من هنا تبرز حتمية دعم الجنوب سياسيًا وعسكريًا ولوجستيًا، فالجنوب يمتلك القوات الأكثر جاهزية وخبرة في مواجهة الإرهاب، لكنه يواجه تحديًا مركبًا يتجاوز حدوده الجغرافية.
دعم هذه الجبهة القوية سيضمن حسم المعركة ضد الإرهاب، وقطع خطوط إمداده، وتجفيف موارده، بما يفتح الطريق أمام استقرار دائم في المنطقة.
كما أن التحالف الخفي بين الحوثي والقاعدة ليس مجرد تفصيل عابر، بل خطر استراتيجي يستدعي موقفًا دوليًا حازمًا ودعمًا مباشرًا للجنوب من أجل إغلاق الحلقة التي يعتاش عليها الإرهاب، وتحويل الجنوب من ساحة مستهدفة إلى قاعدة صلبة للأمن والاستقرار.