بوابة عدن /غزة.
نحو 950 ألف فلسطيني لا يجدون أمامهم أي خيار للتنقل داخل المدينة أو في شمال القطاع
تشير العمليات العسكرية الإسرائيلية المتواصلة في قطاع غزة إلى أن إسرائيل بدأت فعلياً تنفيذ خطتها المتعلقة بالسيطرة على مدينة غزة بشكل أساسي، وذلك من دون أن تعلن رسمياً عن هذه الخطوة، التي بدأت تأخذ منحنى جديداً من خلال توسيع هجماتها في جنوب المدينة.
وفعلياً لليوم الرابع على التوالي، يشهد حيّا الزيتون والصبرة جنوب مدينة غزة، توسيعاً واضحاً للعمليات العسكرية، من خلال قصف أصاب مباني ومنازل وغير ذلك من المناطق، لكن الساعات الأخيرة وتحديداً فجر الخميس، بدأت القوات البرية الإسرائيلية تتقدم في (شارع 8) الرئيسي القريب من الحيين، وهو شارع يمتد من المناطق الشرقية وصولاً لشارع الرشيد الساحلي غرباً.
وبحسب مصادر ميدانية تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، فإن القوات الإسرائيلية تركز حالياً على تهجير سكان ما تبقى من حي الزيتون، خصوصاً من أجزائها الغربية، إلى جانب حي الصبرة بالكامل، بما في ذلك منطقة المجمع الإسلامي والمناطق القريبة من حي تل الهوى، حيث تسيطر نارياً على تلك المنطقة بالكامل بما فيها منطقة الكلية الجامعية.
وبينت المصادر الميدانية أن الهدف من ذلك السيطرة على طول هذه الطريق، بهدف تمكين قواتها البرية من الوصول إليها بسهولة، مشيرةً إلى أن القوات البرية الإسرائيلية فعلياً باتت توجد في أجزاء (شارع 8) الرئيسي مع حيي الزيتون والصبرة في منطقة الصالات ومحيطها، وتسيطر على الشارع نارياً من بعد حتى دوار الدحدوح في تل الهوى، الأمر الذي يؤكد بدء تنفيذ خطة السيطرة على مدينة غزة تدريجياً، بفصلها عن مناطق وسط وجنوب القطاع.
ورجحت المصادر أن تبدأ إسرائيل قريباً بالطلب من سكان حي تل الهوى، القريب من الحيين المذكورين، إلى جانب مناطق أخرى من غرب مدينة غزة، النزوح إلى وسط القطاع وجنوبه، ما يشير إلى نيتها السيطرة على أجزاء أخرى من (شارع 8) وصولاً لشارع الرشيد في مراحل مقبلة، وهو أمر يمكن أن يتحقق بسرعة أكبر في حال تم إخلاء تلك المناطق بالسكان، وهو ما تنفذه بالعادة ليس فقط بالمناشير أو الاتصالات التي تقوم بها قوات الاحتلال الإسرائيلي على السكان، وإنما بالقصف الجوي والمدفعي، خصوصاً الأحزمة النارية كما يجري في حيي الصبرة والزيتون خلال الأيام الماضية.
ويبدو أن إسرائيل تهدف للضغط على «حماس» أكثر من خلال مثل هذه التحركات الميدانية، خصوصاً مع استئناف الاتصالات لمحاولة إحياء مفاوضات وقف إطلاق النار من جديد، ووجود وفد من الحركة في القاهرة، ووصول وفد إسرائيلي إلى الدوحة.
ويوجد في مناطق غرب مدينة غزة وجنوبها ما لا يقل عن 950 ألف فلسطيني، لا يجدون أمامهم أي خيار للتنقل داخل المدينة أو في شمال القطاع، إذ إن الأجزاء الشرقية من المدينة إلى جانب أن بلدات ومخيمات المنطقة الشمالية للقطاع باتت تحت السيطرة الإسرائيلية رغم تراجع القوات البرية منها.
وسيفرض الواقع الأمني الجديد على السكان مغادرة تلك المناطق، على عكس المرة الأولى من عملية اقتحام مدينة غزة وشمال القطاع في نهايات أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وبدايات نوفمبر (تشرين الثاني) من العام ذاته، حيث بقي في تلك المناطق ما يقرب من نصف مليون فلسطيني تنقلوا في عدة مناطق من مكان إلى آخر مع توغل القوات الإسرائيلية في كل منطقة كانوا يوجدون فيها.
وتتم هذه الخطوات على الأرض، تزامناً مع إلقاء طائرات مسيرة إسرائيلية، مناشير عبارة عن تقارير تحريضية ضد قيادة «حركة حماس»، تتهمها بالعيش في الأنفاق في ظروف فاخرة، بينما يعيش السكان في ظروف قاسية فوق الأرض، رغم أن إسرائيل في كل مرة تدعي أنها دمرت كل هذه الأنفاق.
ويتزامن ذلك مع استمرار الغارات في مناطق متفرقة من قطاع غزة، وهي أدت منذ فجر الخميس، إلى مقتل 15 فلسطينياً، بعضهم انتشلت جثامينهم من مناطق بحيي الزيتون والشجاعية إثر قصف وقع الأربعاء.
وبحسب إحصائية وزارة الصحة بغزة، فإن ما وصل إلى مستشفيات قطاع غزة، خلال آخر 24 ساعة (من ظهيرة الأربعاء إلى الخميس)، هو 54 قتيلاً، و831 إصابة. ما يرفع حصيلة العدوان منذ السابع من أكتوبر 2023، إلى 61776 قتيلاً، و154906جريحاً.
ومن بين مجمل الضحايا، 10251 قتلوا منذ فجر الثامن عشر من مارس (آذار) الماضي، بعد استئناف إسرائيل للحرب على غزة، في أعقاب وقف إطلاق نار مؤقت استمر نحو شهرين.
فيما بلغ عدد ما وصل إلى المستشفيات خلال الـ24 ساعة الماضية، من ضحايا منتظري المساعدات، 22 قتيلاً، و269 إصابة، ليرتفع إجمالي الضحايا ممن وصلوا إلى المستشفيات 1881 قتيلاً وأكثر من 13863 إصابة، منذ نهاية مايو (أيار) الماضي.
وسجلت مستشفيات قطاع غزة، خلال الساعات الـ24 الماضية، 4 حالات وفاة، نتيجة المجاعة وسوء التغذية، ليرتفع العدد الإجمالي إلى 239 حالة وفاة، منهم 106 أطفال.