بوابة عدن /حضرموت
تعيش محافظة حضرموت حالة غير مسبوقة من التوتر والانقسام، على وقع أزمة كهرباء خانقة فجّرت احتجاجات غاضبة في وادي وساحل المحافظة. ففي الوقت الذي تواصل فيه مدينة سيئون موجة احتجاجات واسعة تحت شعار “تسقط شرعية الفساد”، تراجعت وتيرة الاحتجاجات في المكلا بعد أن شابتها محاولات لجرّها نحو الفوضى والتخريب، مما زاد من تعقيد المشهد السياسي والأمني في المحافظة.
صباح الاثنين شهدت مدينة سيئون تظاهرة حاشدة انطلقت من السوق العام بحي السحيل وصولًا إلى مجمع الدوائر الحكومية وديوان وكيل المحافظة لشؤون مديريات الوادي والصحراء.
وخلال التظاهرة، تلا الشاب أسامة بن سلمان بياناً باسم اللجنة المنظمة، حمّل فيه التحالف العربي، وعلى رأسه المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات، المسؤولية الكاملة عن الأزمات المتفاقمة في المحافظات المحررة منذ سنوات. كما اتهم البيان المجلس الرئاسي والحكومة بـ”الفشل الذريع” في إدارة ملفات الخدمات والاقتصاد، مطالباً بمحاسبة جميع المسؤولين الفاسدين بلا استثناء.
ودعا البيان إلى إخراج قوات المنطقة العسكرية الأولى من وادي وصحراء حضرموت وتمكين قوات النخبة الحضرمية من إدارة الملف الأمني والعسكري، إلى جانب فتح تحقيق عاجل في قضية مقتل المناضل محمد سعيد يادين وتقديم الجناة للعدالة. كما أدان ما وصفه بـ”القمع الوحشي” الذي تعرض له المحتجون السلميون مساء أمس، محذراً من استمرار الانتهاكات ضد حرية التعبير والاحتجاج السلمي.
وشدد البيان على ضرورة ضبط أسعار السلع الأساسية ومنع التلاعب بها، ومراقبة التزام شركات الصرافة والبنوك بتوجيهات البنك المركزي، مع المطالبة بخفض أسعار المشتقات النفطية ومحاسبة شركة النفط على ما اعتبره سياسة “التلاعب والمماطلة”.
واختتمت اللجنة المنظمة بيانها بالتأكيد على تمسكها بالطابع السلمي للتحركات، محذّرة من محاولات تسييس المطالب أو حرف مسارها، ومعلنة استمرار التصعيد الشعبي حتى تحقيق جميع المطالب وتحسين أوضاع المواطنين.
في المقابل، تراجعت الاحتجاجات السلمية التي اندلعت في المكلا عقب انقطاع الكهرباء، بعد تدخل عناصر ملثمة حاولت استغلال الحراك لإحداث الفوضى، وصلت إلى حد إطلاق النار على قوات النخبة الحضرمية. وأدت هذه التصرفات، المرتبطة بقيادة مخيم الهضبة، إلى عزوف المحتجين السلميين عن المشاركة، خصوصًا بعد منع قاطرات الوقود التابعة لشركة “بترو مسيلة” من الوصول إلى محطات الكهرباء بذريعة “عدم وجود تصاريح”.
كما أقدمت قيادة المخيم على استعراضات مسلحة خارج إطار القانون في نطاق المنطقة العسكرية الثانية، في وقت واصل فيه إعلامها إعادة نشر مواد قديمة من احتجاجات سابقة لإظهار استمرار الحراك، بينما اقتصرت التحركات الميدانية على إغلاق الخط الدولي في مدينة تريم، دون صلة مباشرة باحتجاجات الهضبة.
تأتي هذه التطورات في ظل تصاعد الغضب الشعبي والقبلي تجاه إدارة المحافظة، وتزايد المطالب بتغيير المحافظ ورحيل التحالف العربي. كما أعادت الاحتجاجات الأخيرة فتح ملفات النفوذ العسكري والانقسام بين قوات النخبة الحضرمية المنتشرة في الساحل وقوات المنطقة العسكرية الأولى المتمركزة في الوادي، وسط اتهامات متبادلة بين أطراف محلية وإقليمية بتعطيل الخدمات وتوظيف الأزمات في صراع النفوذ والسيطرة.