هنأ الإيرانيين بـ«النصر»… وتوعد ترمب بالرد على أي هجوم جديد
بوابة عدن /إيران
قال المرشد الإيراني علي خامنئي إن واشنطن «لم تحقق أي إنجاز» بانضمامها إلى الحرب، ملوّحاً بالرد على أي هجوم أميركي مستقبلي باستهداف قواعدها في المنطقة. واعتبر أن إسرائيل «انهارت تقريباً تحت ضربات» بلاده، موجّهاً تهنئته فيما عدّه «انتصاراً مزدوجاً» على الخصمين المتحالفين. واتهم الرئيس الأميركي دونالد ترمب بـ«المبالغة» في تقدير تأثير الضربات على المنشآت النووية الإيرانية.
وخاطب خامنئي، في أول رسالة مصورة منذ وقف إطلاق النار، الإيرانيين قائلاً إن إيران «انتصرت» على إسرائيل في الحرب التي استمرت 12 يوماً بين البلدين. وقال: «مع كل ذلك الضجيج، ومع كل تلك الادعاءات، انهار النظام الصهيوني تقريباً تحت ضربات الجمهورية الإسلامية، وسُحق».
جاء ذلك في حين أن الضربات الجوية الإسرائيلية والأميركية ألحقت أضراراً جسيمة بالمراكز النووية والعسكرية الإيرانية، وقتل مئات الإيرانيين، بما في ذلك 35 قيادياً بارزاً في قوات «الحرس الثوري»، والأجهزة الأمنية والعسكرية. كما أصبحت الأجواء الإيرانية بالكامل تحت سيطرة سلاح الجو الإسرائيلي.
وفي المقابل، أطلقت إيران صواريخ وطائرات مسيرة على الأراضي الإسرائيلية، مما أسفر عن مقتل 28 إسرائيلياً، وألحقت أضراراً كبيرة في تل أبيب وحيفا.
وبث التلفزيون الرسمي تصريحاته التي كانت مسجلة. وكما كان الحال بالنسبة لأحدث تصريحاته، والتي صدرت قبل أكثر من أسبوع خلال القصف الإسرائيلي الذي استمر 12 يوماً، تحدث خامنئي من مكان مغلق لم يتم الكشف عنه، وخلفه ستارة بنية اللون، والعلم الإيراني، وصورة سلفه (الخميني).
ولم يتطرق خامنئي (86 عاماً) إلى الضربات التي تلقتها بلاده، وركز خطابه على الهجمات المضادة لإسرائيل، قائلاً إنه «لم يكن أحد يتخيل في أحلامه» أن تحصل الضربات «القوية» ضد إسرائيل. وقال: «قواتنا المسلحة تمكنت من اختراق دفاعاتهم المتعددة والمتطورة، وحولت العديد من مناطقهم الحضرية والعسكرية إلى أثر بعد عين بضربات صواريخنا القوية، وهجمات أسلحتنا المتطورة». وأعرب عن ارتياحه من أداء القوات المسلحة الإيرانية. وقال: «أي اعتداء على جمهورية إيران الإسلامية سيكون مكلفاً جداً، وسيلحق بالمعتدي خسائر فادحة».
«تكلفة باهظة»
وفي جزء من رسالته، هاجم خامنئي الولايات المتحدة في خطابه، وذكر اسمها 15 مرة، وأشار أربع مرات إلى الرئيس الأميركي، وهنأ الإيرانيين أيضاً على «الانتصار» عليها. وقال: «دخل النظام الأميركي في حرب مباشرة لأنه شعر بأنه إذا لم يتدخل فإن الكيان الصهيوني سيزول تماماً. لكنه لم يحقق أي مكاسب من هذه الحرب».
وقلل خامنئي من تأثير الهجوم الأميركي على المنشآت النووية الإيرانية. وقال: «هاجموا مراكزنا النووية –وطبعاً هذا أمر يستحق المتابعة القانونية بشكل مستقل في المحاكم الدولية– لكنهم لم يتمكنوا من تحقيق أي شيء مهم».
وتطرق إلى موقف ترمب، قائلاً إنه «قام بتهويل غير معتاد لما جرى، واتضح أنه بحاجة إلى هذا التهويل؛ فكل من سمع تلك التصريحات أدرك أن هناك حقيقة أخرى مخفية وراءها».
وأضاف: «هنا أيضاً، انتصرت الجمهورية الإسلامية، ووجهت صفعة قوية إلى وجه أميركا؛ حيث هاجمت واحدة من قواعدها في المنطقة، قاعدة العديد، وألحقت بها أضراراً. أما أولئك الذين بالغوا في سرد الأحداث سابقاً، فقد حاولوا هذه المرة التقليل من شأن ما حدث، زاعمين أنه لم يحدث شيء، بينما الحادث كان كبيراً».
وأضاف في هذا الصدد: «أن تمتلك إيران القدرة على الوصول إلى مواقع حيوية للولايات المتحدة في المنطقة، وتقوم بالرد متى ما رأت ذلك مناسباً، ليس أمراً بسيطاً، بل هو حدث كبير»، محذراً من أن تكرار مثل هذه العمليات وارد «في حال تعرض إيران لأي اعتداء»، وهو ما سيؤدي إلى «تكلفة باهظة على العدو والمعتدي» حسب تعبيره.
استسلام إيران
وتهكم خامنئي من حديث ترمب عن ضرورة استسلام إيران. وقال: «لم يعد الحديث عن تخصيب اليورانيوم، ولا عن الصناعة النووية، بل عن استسلام إيران». وعدّ هذا الكلام أنه «كبير جداً من أن يتفوه به الرئيس الأميركي». وقال: «مفردة (استسلام) لبلد مثل إيران تثير السخرية لدى من يعرف الشعب الإيراني».
ولا تربط إيران بالولايات المتحدة علاقات دبلوماسية، وتعود جذور القطيعة بين البلدين إلى عام 1979، عندما اقتحم طلاب مؤيدون للمرشد الأول (الخميني) السفارة الأميركية في طهران، مما أدى إلى أزمة رهائن استمرت 444 يوماً، وأسفرت عن قطع العلاقات بين الجانبين، وبداية مرحلة طويلة من التوتر والصراع السياسي.
وقال خامنئي إن الولايات المتحدة «كانت في حالة صراع مستمر مع إيران منذ انتصار الثورة»، متهماً واشنطن بأنها «استخدمت على مدى عقود ذرائع متعددة لتبرير مواقفها، من بينها حقوق الإنسان، والدفاع عن الديمقراطية، وحقوق المرأة، والبرنامج النووي، وقضايا التخصيب، وبرنامج الصواريخ».
وأضاف أن هذه المبررات، رغم تنوعها، تخفي «هدفاً واحداً يتمثل في إجبار إيران على الاستسلام»، مشدداً على أن ذلك «هو الجوهر الحقيقي للخلاف بين الجانبين».
وقال خامنئي إن القادة الأميركيين السابقين تجنبوا التصريح بمطلب «استسلام إيران»، لأنه «غير مقبول عقلاً ومنطقاً، وجرى تغليفه بعناوين مثل حقوق الإنسان، والبرنامج النووي».
وأضاف أن ترمب «كشف هذا الهدف بوضوح»، مضيفاً أن «واشنطن لا ترضى بأقل من استسلام كامل»، واصفاً ذلك بـ«الإهانة الكبرى» التي لن يقبل بها الشعب الإيراني أبداً.
والأحد الماضي، شنت الولايات المتحدة ضربات غير مسبوقة على مواقع نووية في إيران. وقصفت قاذفات من نوع بي-52 منشأتي فوردو ونطنز بقنابل جي بي يو-57 الخارقة للتحصينات، فيما ضربت غواصة منشأة أصفهان بصواريخ كروز موجّهة من طراز توماهوك.
ووصف ترمب الهجمات الأميركية بأنها «نجاح عسكري باهر»، مؤكداً أنّها «دمّرت بشكل تام وكامل» ثلاث منشآت نووية في إيران، فيما قال وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث إنّ القوات الأميركية «دمّرت البرنامج النووي الإيراني».
وعندما سئل ترمب أمس الأربعاء عما إذا كانت الولايات المتحدة ستضرب إيران مجدداً إذا أعادت بناء برنامجها لتخصيب اليورانيوم، قال: «بالتأكيد».
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو: «أحبطنا مشروع إيران النووي… وإذا حاول أياً ما كان في إيران أن يعيد بناءه، فسنتحرك بالتصميم ذاته، وبالحدة ذاتها لإفشال أي محاولة».
واتهم البيت الابيض، خامنئي بمحاولة «حفظ ماء وجهه» بعد أن قلل من تأثير الضربات الأميركية على منشآت إيران النووية.وقالت المتحدثة باسم البيت الابيض كارولاين ليفيت خلال إحاطة صحافية بعد أول ظهور لخامنئي منذ الضربات العسكرية الأميركية: «شاهدنا فيديو آية الله، وعندما يكون لديك نظام شمولي، عليك أن تحافظ على ماء الوجه».